آشور، عمل يديَّ: آباء الكنيسة الآشوريين في مجمع نيقية
كان مجمع نيقية لحظة محورية في تاريخ المسيحية العالمية، لأنه وضعَ المبادئ الأساسية للإيمان المسيحي العالمي، كما تجسّد في عقيدة نيقية المشتركة بين جميع الكنائس الرسولية حتى اليوم. وعلى هذا النحو، حضر المجمع عدد كبير من المندوبين من الأساقفة وآباء الكنيسة من جميع أنحاء العالم المسيحي في ذلك الوقت، بما في ذلك عدد كبير من المتحدثين باليونانية واللاتينية من جميع أنحاء مقاطعات الإمبراطورية الرومانية. في الماضي، ركّزت الكنائس والعلماء الغربيون بشكل كبير على الدور الذي لعبه آباؤهم في المجمع. ومع ذلك، لم يُذكر سوى القليل عن الدور المهم الذي لعبه المندوبون الناطقون باللغة السريانية من المناطق التاريخية في شمال بلاد ما بين النهرين، أو آشور، الذين كانوا حاضرين أيضاً ولعبوا دوراً نشطاً في مداولات المجمع، بالإضافة إلى العقيدة الأساسية التي نتجت عنها. خلال الفترة التي انعقد فيها مجمع نيقية، انقسم الشعب الآشوري المسيحي بين الإمبراطوريتين الرومانية الشرقية والساسانية الفارسية. ورغم الاعتقاد بأن مندوباً واحداً فقط من الإمبراطورية الفارسية حضر المجمع، فقد حضر أيضاً عدد كبير من الأساقفة من شمال بلاد ما بين النهرين - بما في ذلك أحد الأساقفة من نصيبين، التي أصبحت مركزاً رئيسياً لكنيسة المشرق منذ عام ٣٦٣ فصاعداً. لذلك، سيسعى هذا البحث إلى الاستفادة من القوائم الموجودة للحاضرين في المجمع، من التقاليد المختلفة (اليونانية واللاتينية والقبطية والسريانية والأرمنية)، بالإضافة إلى الروايات من التسلسل الزمني السرياني في العصور الوسطى، من أجل تحديد أي منهم جاء من مناطق داخل شمال بلاد ما بين النهرين التاريخية، ونتيجة لذلك، كان من الناطقين بالسريانية أو من العرق الآشوري. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم أسماء ورعايا هؤلاء الآشوريين الحاضرين في مجمع نيقية، إلى جانب بعض التفاصيل المتعلقة بهوياتهم وقليلًا مما نعرفه عن حياتهم من مصادر مختلفة، بما في ذلك النصوص المتعلقة بسِيَر القديسين. والأهم من ذلك، سيتم مناقشة هوية وأصل المندوب الوحيد من بلاد فارس بمزيد من التفصيل، في محاولة لتقديم أدلة أكثر حسماً فيما يتعلق بهويته ومن أين أتى بالفعل، وكذلك من أرسله إلى نيقية. وبالتالي، سيتم تسليط الضوء على الدور الذي لعبه آباء الكنيسة الآشوريين في مجمع نيقية وإعطائهم التقدير الكامل الذي يستحقونه. وعلاوة على ذلك، ستعمل هذه الدراسة على إثبات أن الآشوريين كانوا جزءاً نشطاً ومهماً من الكنيسة المسيحية المبكرة، وليسوا مجرد مراقبين معزولين وسلبيين في إمبراطورية بعيدة ونائية.