أن يكون نيقياً بدون نيقية: لاهوت أفراهاط الثالوثي
أحد الآباء الأوائل للكنيسة الآشورية في الشرق هو أفراهاط الحكيم الفارسي (بالآشوري ܐܦܪܗܛ ܚܟܝܡܐ، حوالي ٢٨٠–٣٤٥ م)، وهو مؤلِّف مجموعة من الآثار الرائعة في الأدب السرياني، والمعروفة باسم "٢٣ بيّنة". كُتبت هذه البيّنات بين ٣٣٧ إلى ٣٤٥. ولأنها كُتبت في الإمبراطورية الفارسية، فهي خالية من التأثير اليوناني والروماني، لذلك هناك اهتمام كبير بها لدراسة تطور الفكر العقائدي الشرقي. هذه الكتابات لها أهمية كبيرة في تاريخ اللاهوت الشرقي السرياني في القرن الرابع، لأنه يمكننا أن نجد فيها تاريخ العلاقات الرومانية الفارسية، وخصائص المسيحية السريانية، وأصول الرهبنة وغيرها من القضايا، ولكن إطار بحثنا يقتصر على مفاهيم أفراهاط الثالوثية. ومع ذلك، فإن أفراهاط يتحدث قليلاً عن الثالوث، لكنه يقبله بالكامل كما تصورته الكنيسة العالمية. يقول أفراهاط: "يا من تحلف برأسك، أيضاً بالنفاق، إذا كنت تدعو الأسماء الثلاثة العظيمة والمجيدة على رأسك، الآب والابن والروح القدس، وإذا كنت قد نلت علامة الحياة، وبكلمة واحدة، إذا كنت قد تعمدت، فلا تحلف برأسك". تطورت كنيسة أفراهاط، كنيسة المشرق الآشورية، بشكل مستقل عن المسكونية البيزنطية، على سبيل المثال، تم ذكر قواعد المجمع المسكوني الأول في نيقية لأول مرة في مجمع ساليق-قطسيفون في عام ٤١٠ م الذي عقده الجاثليق مار إسحق. لذلك في كتابات أفراهاط لا نرى تصريحات رئيسية من مجمع نيقية، حيث يسمي الحكيم الفارسي المسيح إلهاً، لكن دفاعه موجّه ضد اليهود، وليس ضد الآريوسيين، ويمكننا أن نرى أن لاهوته ليس ضد تصريحات نيقية. في بحثنا سنحاول ربط تصريحات مجمع نيقية مع لاهوت أفراهاط الثالوثي، وتظهر حتى وإن لم يشترك في ذلك المجمع، لكن لاهوته أرثوذكسي حسب المجمع المسكوني الأول عام ٣٢٥.